يرجى تدوير جهازك إلى الوضع الرأسي
nav icon

قصة حياة الرئيس الجنوب افريقي نيلسون مانديلا

نيلسون مانديلا هو الرئيس السابق لجنوب افريقيا وهو ايضا الرمز المناهض للفصل العنصري، وعانى نيلسون مانديلا من سلسلة من الاصابات الرئوية، وتوفى وهو في عمر 95 عاما، وانضم نيلسون مانديلا الى حزب المؤتمر الوطنى الافريقى فى القرن العشرين وواصل قيادة الاحتجاجات ضد نظام الفصل العنصري الحاكم الذى يقيد الحقوق الاساسية لسكان جنوب افريقيا الغامضين ويمنعهم من المشاركة فى الحكومة .

 

ومقاومته لهذه السياسات القمعية كانت السبب في وجود نيلسون مانديلا ما يقرب من ثلاثة عقود في السجن، حيث اصبح رمزا دوليا للحركة المناهضة للفصل العنصري ، ولدى اطلاق سراحه في عام 1990، ساعد نيلسون مانديلا على التفاوض على وضع حد لنظام الفصل العنصري، وبعد اربع سنوات فاز نيلسون مانديلا في الانتخابات كاول رئيس اسود لجنوب افريقيا ، وقد تقاعد من السياسة في عام 1999، ولكنه ظل من المناصرين العالميين للسلام والعدالة الاجتماعية .

 

 

حياة نيلسون مانديلا المبكرة :
ولد روليهلالا مانديلا في 18 يوليو 1918، في عائلة ملكية من قبيلة ثيمبو الناطقة بالهوسا في قرية مفيزو بجنوب افريقيا ، وفي جنوب افريقيا، غالبا ما يطلق على نيلسون مانديلا اسم عشيرته، ماديبا ، وتوفى والده، الذي كان رئيس قرية مفيزو، عندما كان نيلسون مانديلا في التاسعة من عمره، واعتمد نيلسون مانديلا الشاب على ان يكون دوما رفيع المستوى استعدادا للقيادة ، واثناء دراسته في المدرسة التبشيرية المحلية كان يطلق عليه اسم نيلسون من قبل المعلمين، ووفقا للممارسة المشتركة آنذاك كان المعلمون يقومون باعطاء الطلاب الافارقة اسماء انجليزية .

 

والتحق نيلسون مانديلا بجامعة النخبة التي كانت على الطراز الغربي من فورت هاري وكانت هي المؤسسة الوحيدة التي كان يوجد بها السود في ذلك الوقت، وعاد نيلسون مانديلا الى دياره للمشاركة في مقاطعة السياسات الجامعية، جنبا الى جنب مع صديق المستقبل والناشط اوليفر تامبو ومجموعة من الطلاب الآخرين، وهرب نيلسون مانديلا من الزواج الذي رتبه له والده .

 

الرئيس الجنوب افريقي نيلسون مانديلا

الرئيس الجنوب افريقي نيلسون مانديلا

 

وتوجه نيلسون مانديلا الى جوهانسبرغ وعمل حارس ليلي وكاتب قانوني حتى انهى درجة البكالوريوس بالمراسلة، ثم درس القانون في جامعة ويتواترسراند، حيث اصبح نشطا في الحركة ضد التمييز العنصري ، وفي عام 1944، انضم نيلسون مانديلا الى المؤتمر الوطني الافريقي (انك) في عام 1944 وساعد على تأسيس دوري الشباب ، وفي نفس العام التقى وتزوج من زوجته الاولى ايفلين نتوكو ماس، التي انجب منها اربعة اطفال قبل ان ينتهي زواجهما بالطلاق في عام 1957 .

 

في عام 1948، فاز الحزب الوطني الذي يهيمن عليه الافريكانيين وقام بالسيطرة على حكومة جنوب افريقيا، وبدأ في ادخال النظام الرسمي للتصنيف العنصري والفصل العنصري الذي عرف بالفصل العنصري، وفي الواقع ان هذا النظام قد حد من الحقوق الاساسية في جنوب افريقيا، ومنعهم من الحكم ولكن مع الحفاظ على حكم الاقلية البيض ، وردا على ذلك، اعتمد المؤتمر الوطني الافريقي خطة لتحقيق المواطنة الكاملة لجميع ابناء جنوب افريقيا من خلال حملة غير عنيفة من المقاطعة والاضرابات والعصيان المدني وغيرها من الاساليب .

 

وفي عام 1952، سافر نيلسون مانديلا في جميع انحاء البلاد كزعيم لحملة الحزب من اجل تعزيز بيان يعرف باسم ميثاق الحرية، ومع تامبو، بدأ ايضا اول مكتب محاماة في جنوب افريقيا، والذي بدورده قدم خدمات قانونية لضحايا الفصل العنصري ، وفي 5 ديسمبر 1956، القي القبض على نيلسون مانديلا و 155 ناشطا آخرين وحوكموا بتهمة الخيانة بسبب مقاومتهم لنظام الفصل العنصري، وقد برئوا كلهم في عام 1961، ولكن كان قد فات الاوان حيث زادت التوترات داخل حزب المؤتمر الوطني الافريقي في عام 1959 وذلك لتشكيل المؤتمر الافريقي .

 

وفي عام 1960، فتحت الشرطة النار على مظاهرة سوداء سلمية في شاربفيل، مما اسفر عن مقتل 69 شخصا، وبعد مجزرة شاربفيل والشغب الدموي الذي اعقب ذلك، تم اجبار نيلسون مانديلا على الاختفاء لتجنب الاضطهاد الحكومي ، ولكنه قرر في وقت لاحق ان هناك حاجة الى اساليب اكثر عدوانية لمواجهة قمع الفصل العنصري لجنوب افريقيا الغير ناضجة .

 

وفي عام 1961، شارك نيلسون مانديلا في تأسيس واصبح اول زعيم في ما يسمي "رمح الامة"، المعروف ايضا باسم "مك "،وهو الجناح المسلح الجديد من حزب المؤتمر الوطني الافريقي ، وفي يناير 1962، سافر نيلسون مانديلا الى الخارج بصورة غير شرعية وحضر مؤتمر القادة الوطنيين الافارقة في اثيوبيا، وحصل على تدريب عصابات في الجزائر، وعند عودته، القي القبض عليه وحكم عليه بالسجن لمدة خمس سنوات بسبب مغادرته البلاد والتحريض على اضراب العمال عام 1961 .

 

وازدادت الامور سوءا بعد ان عثرت الشرطة في يوليو 1962 على مخبأ تابع لحزب المؤتمر الوطني الافريقي في ضاحية ريفونيا في جوهانسبرج وحصلت به على ادلة تورط نيلسون مانديلا وناشطين آخرين في التخطيط لانتفاضة حرب العصابات ضد الحكومة، وبعد محاكمة استمرت ثمانية اشهر للتخريب والخيانة والمؤامرة العنيفة استحوذت على اهتمام العالم، تم انقاذ نيلسون مانديلا وسبعة مدعى عليهم آخرين من المشنقة ولكن حكم عليهم بالسجن مدى الحياة .

 

قضى نيلسون مانديلا 18 من 27 عاما من سجنه في سجن جزيرة روبن ، ومستعمرة ليبر السابقة قبالة ساحل كيب تاون ، واثناء وجوده هناك، عانى من الاشغال الشاقة في محجر الجير، وحصص الاعاشة الغير كافية، والعقوبة اللاانسانية حتى في ادنى الجرائم، وعلى الرغم من هذه المعوقات، تمكن نيلسون مانديلا من الحصول على درجة البكالوريوس في القانون من جامعة لندن وتهريب البيانات السياسية .

 

فضلا عن مسودة سيرته الذاتية، "المشي الطويل الى الحرية" والتي تم نشرها بعد خمس سنوات من اطلاق سراحه ، واثناء وجوده في السجن، ظل نيلسون مانديلا الزعيم الرمزي لحركة مناهضة الفصل العنصري واصبح الوجهه الابرز في جنوب افريقيا وفي جميع انحاء العالم .

 

في عام 1982، تم نقل نيلسون مانديلا الى سجن بولسمور في البر الرئيسي ، وبعد ست سنوات، وضع قيد الاقامة الجبرية في مرفق امن ادنى ، واخيرا، في عام 1989، كسر الرئيس المنتخب حديثا الحظر الحكومي على حزب المؤتمر الوطني الافريقي، داعيا الى جنوب افريقيا غير عنصرية .

 

 

نيلسون مانديلا رئيسا :
وفي 11 فبراير 1990، امر دي كليرك الافراج عن نيلسون مانديلا وشرع مانديلا في قيادة حزب المؤتمر الوطني الافريقي وبالفعل اخذ نيلسون مانديلا في التفاوض على انهاء الفصل العنصري مع حكومة الحزب الوطني الحاكم، وهي تلك الجهود التي حصل من اجلها نيلسون مانديلا ودي كليرك على جائزة نوبل للسلام في ديسمبر 1993 ، وفي ابريل 1994، في اول انتخابات برلمانية متعددة الاعراق في تاريخ البلاد، تم انتخاب نيلسون مانديلا اول رئيس اسود لجنوب افريقيا .

 

ومع دي كليرك كنائبه الاول، شكل نيلسون مانديلا "حكومة الوحدة الوطنية" متعددة الاعراق لادارة الانتقال الى حكومة ما بعد الفصل العنصري، وانشأ لجنة الحقيقة والمصالحة للتحقيق في انتهاكات حقوق الانسان والانتهاكات السياسية التي ارتكبها كل من مؤيدي ومعارضي الفصل العنصري في الفترة بين عامي 1960 و 1994، وادخل برامج اجتماعية واقتصادية عديدة ترمي الى تحسين مستويات معيشة السكان السود في جنوب افريقيا .

 

وفي عام 1996، ترأس نيلسون مانديلا لجنة لعمل دستور جديد لجنوب افريقيا، وانشأ حكومة مركزية قوية قائمة على حكم الاغلبية وحظر التمييز ضد الاقليات، بما في ذلك البيض ، وبصفته رئيسا، قاوم نيلسون مانديلا نداءات بعض السود من جنوب افريقيا لمعاقبة البيض على الفصل العنصري، وبدلا من ذلك كان نيلسون مانديلا مثالا على الغفران والمصالحة .

 

اما عن حياته الشخصية فقد انتهى زواجه من ويني مانديلا بالطلاق في عام 1996، وفي عام 1998 وقع نيلسون مانديلا في غرام غراسا ماشيل، ارملة الرئيس السابق لموزمبيق، ولم يخدم نيلسون مانديلا سوى فترة واحدة كرئيس قبل ان يتنحى جانبا فى عام 1999 وخلفه نائبه ثابو مبيكى من حزب المؤتمر الوطنى الافريقى ، وعلى الرغم من تقاعده رسميا عن السياسة .

 

الا ان نيلسون مانديلا ظل صوتا رائدا للسلام والعدالة الاجتماعية في افريقيا وفي جميع انحاء العالم واعتنق ايضا قضية برامج التوعية والعلاج لمرض الايدز، وهو المرض الذى من شأنه ان اودى بحياة ابنه ماكجاثو فى عام 2005 .

 

وعانى نيلسون مانديلا من امراض مختلفة بما في ذلك مشاكل الرئة المزمنة الناجمة عن الاصابة بالسل خلال فترة سجنه البالغة 27 عاما وعولج نيلسون مانديلا ايضا من سرطان البروستاتا في عام 2001 ، وقلة ظهوره في السنوات الاخيرة، اثارت بعض المخاوف حول ضعف صحته ، وآخر مرة شوهد فيها نيلسون مانديلا علنا في عام 2010 خلال بطولة كاس العالم لكرة القدم، التي استضافتها جنوب افريقيا .

 

وفي 8 يونيو 2013، دخل نيلسون مانديلا البالغ من العمر 94 عاما الى مستشفى ميديكلينيك هيرت في بريتوريا من اجل علاجه من عدوى رئوية متكررة ، وكانت هذه هى المرة الرابعة فى اقل من عام التى يتم فيها نقله الى المستشفى، وفى اعلان وفاة نيلسون مانديلا، قال رئيس جنوب افريقيا جاكوب زوما "ان بلادنا فقدت ابنها الاكبر ، وفقد شعبنا ابا جيدا " ،وامر الرئيس زوما برفع اعلام جنوب افريقيا واعلن عن خطط لجنازة رسمية .

مقالات مميزة